أغاني هذه الأيام.. تُضاعف من شغفي بالاستماع إلى المطربة اللبنانية فيروز ومعها أوقن أنه لا بديل لكلمة قوية غنتها بصوتها الأخاذ فأضحت فيروز الكلمة والمعنى معاً.
وعندما تغني فيروز تتحرك الحروف فلا تعود حروفاً بل كائنات تنبض بحياة مختلفة تجعل في كل شيء من حولنا يقظة من نوع نادر. كيف يمكنها ذلك.. لا أدري؟!
هكذا ازدادت ثقتي بما تغنيه فيروز كلمة ومعنى.
ومن أغانيها التي أحبها كثيراً (الأبواب) التي لحنها الملحن اللبناني المميز فيلمون وهبي. ومن يقرأ كلمات (الأبواب) التي كتبها الشاعر جوزيف حرب لا يتصور أن تغنى هذه القصيدة لأن فيها فلسفة غير مألوفة لدى الذوق الفني الغنائي العام ولكن ما بدا لي ـ بعد خبرة وتجربة استماع أزعم بطولها ـ أن فيروز والرحبانيين عموماً نموذج اعتاد أن يؤلف بين الكلمة والمعنى واللحن فلا يعود هناك تمايز أو تنافر بين أي منهما وهذا أهم أسباب اختلاف جملهم الموسيقية وألحانهم عن غيرهم إذ يطوّعون غير الممكن في نظر بعض الملحنين ويجعلونه ممكناً:
"على باب بنوقف تانودع الأحباب
نغمرهن وبتولع ايدينا بالعذاب
أبواب أبواب
شي غُرب.. شي أصحاب
شي مسكّر وناطر
تايرجعو الغيّاب"
والباب في تأويل الشاعر اللبناني جوزيف حرب أبعد من ذلك الباب الذي نألفه وهو فاتحة كل بيت نعبره سريعاً دون تأمل، وهو في نظر الشاعر جوزيف حرب رمز بعيد لروح ساكنه ومن هنا رأى جوزيف حرب أشكالاً من الأبواب ليس الاختلاف بينها اختلافاً شكلياً خارجياً في النقوش والألوان وخامة الباب الخ....
يقول جوزيف وتغني فيروز:
"فيه باب غرقان بريحة الياسمين
فيه باب مشتاق
فيه باب حزين
في باب مهجور أهلو منسيين
هالأرض كلها بيوت
يا رب خليها مزيني بابواب
ولا يحزن ولا بيت
ولا يتسكّر باب"
وعندما يعبر حرب "يارب خليها مزيّني بابواب" ففي هذا دلالة عميقة على الأمان والاستقرار وخاصة عندما ربطها بالزينة وهي في رأي جوزيف حرب ـ ما ينتفي معها الحزن والرحيل:
"يا رب خليها مزيّني بابواب
ولا يحزن ولا بيت
ولا يتسكّر باب"
وأكثر الأبواب التي تشغل الشاعرجوزيف حرب باب سماه (باب العذاب) حيث هناك قلب آخر عمره وقف على انتظار من هم خارج بابهم:
"وقت اللي بلوّح لك
وبسكّر الباب ياخذني الحنين
بفكر رح اشتق لك
بفكر عاهالباب رح انطر سنين
آه يا باب المحفور عمري فيك
رح انطر واسميك باب العذاب
آه.. البواب)
الإثنين مارس 30, 2009 12:51 pm
